بسم الله الرحمن الرحيم
ثقافة الاختلاف ( قضية للنقاش )
ندرك أن الاختلاف في الرأي أمر وارد، فكل مسألة أو موضوع خلاف ينظر له من
زوايا مختلفة وبالتالي يكون هناك أكثر من رأي، وهذا طبيعي جداً، نتيجة
للفروقات الفكرية والتعليمية واختلاف درجة الذكاء بين الناس، ولقد أثبتت
التجارب الكثيرة أن تطابق وجهات النظر يعد أمراً صعباً، ولذلك علينا
التسليم بأن الاختلاف في الرأي أمر وارد وحتمي ولا مناص منه.
إن الاعتراف بحتمية الاختلاف في الرأي والتسليم به، يُفترض أن يجعلنا نحترم
الرأي المخالف، ولأن سألت أي شخص سواءاً كان كاتباً أو غير ذلك عن مدى
احترامه لرأي وشخص من يخالفه الرأي، لقال لك أنه يحترم المخالفين وآرائهم،
ولكن للأسف الشديد يبقى هذا الاحترام مجرد احترام لفظي ينقصه التطبيق
العملي على أرض الواقع، ولقد وجدت من خلال تجربتي البسيطة أن المخالفين
قسمين، قسم ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة تماماً، والقسم الآخر يختلف معك
لمجرد الاختلاف فقط، وربما لغرضٍ في نفسه.
إن الاختلاف في الرأي ليس هو المشكلة التي أود طرحها، فالاختلاف عادة يفتح
آفاق رحبة للحوار المتزن والفكر المتدفق ويفتح أبواباً للنقاش الحضاري
الجاد، لكن مشكلتنا هي تحول الاختلاف إلى خلاف شخصي بين أصحاب وجهات النظر
المختلفة، مما يفضي إلى العداوة والبغضاء، وينشغل الكل بالانتصار للأنا
بدلاً من الانتصار للفكر، وهنا تكون خسارتنا الحقيقية، لأن الفكر الملتصق
بالأنا لا يمكن إلا أن يصنع الأنا نفسها، بينما صناعة الفكر الذي يصنع
المجد والرقي والحضارة لن يصنعه إلا أولئك الرجال الذين تنكروا للأنا،
وجعلوا من الاختلاف في وجهات النظر نقطة انطلاق تقودهم إلى آفاق المعرفة
والابتكار.
ولذلك فأنا أعتبر الاختلاف في الرأي ثقافة، أستطيع أن أطلق عليها ( ثقافة
الاختلاف )، فمن يعرف كيف يبني علاقة ود مع مخالفيه، والاستفادة من أرائهم
المخالفه واستثمارها، في توجيه فكره وتهذيبه وتصويبه، كان أكثر تطوراً،
وأسرع ارتقاءاً لقمم الفكر الشاهقة من مخالفيه، بينما الذين تفرغوا
للخلافات سيراوحون محلهم دون أن يتقدموا قيد أنملة.
ولأن الكثير من الكتاب لا يعرفون كيفية استثمار الآراء المخالفة، ولأيمانهم
بأن الاختلاف في الرأي سيصل حتماً إلى حد الخلاف الشخصي فإنهم غالباً ما
يذيلون مقالاتهم بالعبارة الأشهر في العالم العربي وهي عبارة ( الاختلاف في
الرأي لا يفسد للود قضية ) بينما الحقيقة هي أن هذا الاختلاف الذي وصل حد
الخلاف هو ما أفسد جميع قضايانا وليس قضية الود فقط، ولست أدري من اخترع
هذه العبارة التي يعترف قائلها بأن الاختلاف في الرأي يفسد المودة مع
المخالفين، وكأني بقائلها وقد خشي على علاقات وده مع من يخالفهم أو
يخالفونه الرأي، فأراد إحراجهم بتلك العبارة التي أعتبرها استجداء رضا
المخالفين.
وقبل أن اختم مقالتي هذه سأطرح سؤالاً لابد منه.. هل تعتقدون أننا نملك ( ثقافة الاختلاف )؟
الموضوع منقول
ثقافة الاختلاف ( قضية للنقاش )
ندرك أن الاختلاف في الرأي أمر وارد، فكل مسألة أو موضوع خلاف ينظر له من
زوايا مختلفة وبالتالي يكون هناك أكثر من رأي، وهذا طبيعي جداً، نتيجة
للفروقات الفكرية والتعليمية واختلاف درجة الذكاء بين الناس، ولقد أثبتت
التجارب الكثيرة أن تطابق وجهات النظر يعد أمراً صعباً، ولذلك علينا
التسليم بأن الاختلاف في الرأي أمر وارد وحتمي ولا مناص منه.
إن الاعتراف بحتمية الاختلاف في الرأي والتسليم به، يُفترض أن يجعلنا نحترم
الرأي المخالف، ولأن سألت أي شخص سواءاً كان كاتباً أو غير ذلك عن مدى
احترامه لرأي وشخص من يخالفه الرأي، لقال لك أنه يحترم المخالفين وآرائهم،
ولكن للأسف الشديد يبقى هذا الاحترام مجرد احترام لفظي ينقصه التطبيق
العملي على أرض الواقع، ولقد وجدت من خلال تجربتي البسيطة أن المخالفين
قسمين، قسم ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة تماماً، والقسم الآخر يختلف معك
لمجرد الاختلاف فقط، وربما لغرضٍ في نفسه.
إن الاختلاف في الرأي ليس هو المشكلة التي أود طرحها، فالاختلاف عادة يفتح
آفاق رحبة للحوار المتزن والفكر المتدفق ويفتح أبواباً للنقاش الحضاري
الجاد، لكن مشكلتنا هي تحول الاختلاف إلى خلاف شخصي بين أصحاب وجهات النظر
المختلفة، مما يفضي إلى العداوة والبغضاء، وينشغل الكل بالانتصار للأنا
بدلاً من الانتصار للفكر، وهنا تكون خسارتنا الحقيقية، لأن الفكر الملتصق
بالأنا لا يمكن إلا أن يصنع الأنا نفسها، بينما صناعة الفكر الذي يصنع
المجد والرقي والحضارة لن يصنعه إلا أولئك الرجال الذين تنكروا للأنا،
وجعلوا من الاختلاف في وجهات النظر نقطة انطلاق تقودهم إلى آفاق المعرفة
والابتكار.
ولذلك فأنا أعتبر الاختلاف في الرأي ثقافة، أستطيع أن أطلق عليها ( ثقافة
الاختلاف )، فمن يعرف كيف يبني علاقة ود مع مخالفيه، والاستفادة من أرائهم
المخالفه واستثمارها، في توجيه فكره وتهذيبه وتصويبه، كان أكثر تطوراً،
وأسرع ارتقاءاً لقمم الفكر الشاهقة من مخالفيه، بينما الذين تفرغوا
للخلافات سيراوحون محلهم دون أن يتقدموا قيد أنملة.
ولأن الكثير من الكتاب لا يعرفون كيفية استثمار الآراء المخالفة، ولأيمانهم
بأن الاختلاف في الرأي سيصل حتماً إلى حد الخلاف الشخصي فإنهم غالباً ما
يذيلون مقالاتهم بالعبارة الأشهر في العالم العربي وهي عبارة ( الاختلاف في
الرأي لا يفسد للود قضية ) بينما الحقيقة هي أن هذا الاختلاف الذي وصل حد
الخلاف هو ما أفسد جميع قضايانا وليس قضية الود فقط، ولست أدري من اخترع
هذه العبارة التي يعترف قائلها بأن الاختلاف في الرأي يفسد المودة مع
المخالفين، وكأني بقائلها وقد خشي على علاقات وده مع من يخالفهم أو
يخالفونه الرأي، فأراد إحراجهم بتلك العبارة التي أعتبرها استجداء رضا
المخالفين.
وقبل أن اختم مقالتي هذه سأطرح سؤالاً لابد منه.. هل تعتقدون أننا نملك ( ثقافة الاختلاف )؟
الموضوع منقول