بسم الله الرحمن الرحيم
**كِركِرَة في المقبرة**
هيَّا بنا الآن لنذهب إلى المقابر، فإنها تُذكِّرنا باليوم الآخر..
فربما نجد في المقبرة؛ كركرة، فمن يا ترى كركرة؟!
إنه صحابي من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وكان يحمل متاع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في المعارك والغزوات، وخرج مجاهداً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وفي المعركة أصابه سهم عائر ـ طائش ـ فوقع في لُبَّته، فمات، ودخل النار! نعم إلى النار!! لم أخطئ في العبارة، ولم يخني اللفظ، إنه في النار! تقول: هو صحابي، أقول: بلى! تقول: كان يخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وعلى ثُقله ومتاعه، أقول: بلى! تقول: كان مجاهداً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، أقول: بلى! تقول: وقتل شهيداً بسهم طائش من الأعداء، أقول: بلى! تقول: إذاً، في الجنة، أقول: لا! لأن هذا الخبر جاءنا من أصدق البشر بما علَّمه الله من علم، وبما أطلعه عليه من غيب.... إذاً لماذا يا هذا؟! أقول: لأنه...... الرواية أولى بالحكاية، فخذها: فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: كان على ثَقَلِ النبي -صلى الله عليه وسلم - رجل يقال له كِرِرَة، فمات، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: " هُو في النار " فذهبوا ينظرون، فوجدوا عليه كساء أو عباءة، قد غلَّها. (صحيح البخاري، و صحيح سنن ابن ماجه (2/138) (2299). هذا هو السبب الذي أدركه به العطب، فإنه أخذ شيئاً يسراً من المتاع المشترك من الغنائم قبل أن تُصبها المقاسم، فغلَّ عباءة لا تساوي دراهم معدودة دون إذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فمات دون أن يلبسها في الدنيا، لكنها دخلت معه في قبره، واشتعلت عليه ناراً محرقة! فيا سبحان الله! إنه صاحب فضل ومنقبة ـ ويكفيه شرف الصحبة ـ وله في العباءة شيء من الحق، لكنه أخذها ولغيره حقٌّ فيها، فكانت تلك النهاية المؤلمة.... ولذلك ينبغي علينا أن نقف موقفاً حازماً مع أنفسنا في الأموال المشتركة والحقوق المشاعة، فالتعدي عليها من أخطر الأشياء وأكبر العظائم، فعن عدي بن عميرة الكندي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " من استعملناهُ منكم على عملٍ، فكتمنا مِخيطاً فما فوقهُ، كان ذلك غُلُولاً يأتي به يوم القيامة " فقام إليهِ رجلٌ أسودٌ، من الأنصار. كأنِّي أنظرُ إليه، فقال: يا رسول الله! اقبل عنِّي عمَلَك. قال -صلى الله عليه وسلم -: " وما لك؟ " قال: سمعتُكَ تقولُ كذا وكذا. قال -صلى الله عليه وسلم -: " وأنا أقولُهُ الآنَ؛ من استعملناه منكم على عملٍ، فليجيء بقليله وكثيره، فما أوتيَ منه أخذ، وما نُهيَ عنه انتهى " وعن عدي بن عميرة الكندي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " منِ استعملناهُ منكم على عملٍ، فكتمنا مخيطَاً فما فوقَهُ، كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة " وعن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " مَنِ استعملناه على عملٍ فرَزقناه رزقاً فما أخذَ بعدَ ذلكَ، فهو غُلُولٌ " عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " أَدُّوا الخيطَ، والمخيط، فما فوقُ ذلك، فما دُون ذلك، فإن الغُلول عارٌ على أهله يوم القيامة وشنار، ونارٌ " وعن عُبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يوم حنين إلى جنب بعيرٍ من المقاسم، ثم تناول شيئاً من البعير، فأخذ منه قَرَدَة ـ يعني وَبَرة ـ فجعل بين أصبعيه، ثم قال: " يا أيها الناس! إنَّ هذا مِن غنائمِكُم، أدُّوا الخيطَ والمِخيطَ، فما فوقَ ذلك، فما دُون ذلك، فإنَّ الغلولَ عارٌ على أهلهِ يوم القيامةِ وشنارٌ ونارٌ " فيا من تسوِّل له نفسه الخوض في أموال الناس، والنهب من مصالح البلاد والعباد، بجحة أنه مال مشترك ليس لحد بعينه أو لا يوجد عنه مدافع، لا تنس أنَّ كلَّ من له حقٌّ فيه ـ ولو كان قليلاً ـ سيأتي خصيماً لك يوم القيامة، يُطالبك بحقِّه عندك، أما في المقبرة؛ فلا تغفل عمّا وقع لكركرة!! سؤال أخير ـ وهو جدُّ خطير: ما حال من أخذ من أموال المسلمين الآلاف بل الملايين بل المليارات، وبدون حقٍّ؟! بأي وجه يلقى الله يوم يلقاه؟! وما مصير الفجرة مصَّاصي دماء المساكين في المقبرة؟!
* * * * *
المصدر: مداد
**كِركِرَة في المقبرة**
هيَّا بنا الآن لنذهب إلى المقابر، فإنها تُذكِّرنا باليوم الآخر..
فربما نجد في المقبرة؛ كركرة، فمن يا ترى كركرة؟!
إنه صحابي من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وكان يحمل متاع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في المعارك والغزوات، وخرج مجاهداً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وفي المعركة أصابه سهم عائر ـ طائش ـ فوقع في لُبَّته، فمات، ودخل النار! نعم إلى النار!! لم أخطئ في العبارة، ولم يخني اللفظ، إنه في النار! تقول: هو صحابي، أقول: بلى! تقول: كان يخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وعلى ثُقله ومتاعه، أقول: بلى! تقول: كان مجاهداً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، أقول: بلى! تقول: وقتل شهيداً بسهم طائش من الأعداء، أقول: بلى! تقول: إذاً، في الجنة، أقول: لا! لأن هذا الخبر جاءنا من أصدق البشر بما علَّمه الله من علم، وبما أطلعه عليه من غيب.... إذاً لماذا يا هذا؟! أقول: لأنه...... الرواية أولى بالحكاية، فخذها: فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: كان على ثَقَلِ النبي -صلى الله عليه وسلم - رجل يقال له كِرِرَة، فمات، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: " هُو في النار " فذهبوا ينظرون، فوجدوا عليه كساء أو عباءة، قد غلَّها. (صحيح البخاري، و صحيح سنن ابن ماجه (2/138) (2299). هذا هو السبب الذي أدركه به العطب، فإنه أخذ شيئاً يسراً من المتاع المشترك من الغنائم قبل أن تُصبها المقاسم، فغلَّ عباءة لا تساوي دراهم معدودة دون إذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فمات دون أن يلبسها في الدنيا، لكنها دخلت معه في قبره، واشتعلت عليه ناراً محرقة! فيا سبحان الله! إنه صاحب فضل ومنقبة ـ ويكفيه شرف الصحبة ـ وله في العباءة شيء من الحق، لكنه أخذها ولغيره حقٌّ فيها، فكانت تلك النهاية المؤلمة.... ولذلك ينبغي علينا أن نقف موقفاً حازماً مع أنفسنا في الأموال المشتركة والحقوق المشاعة، فالتعدي عليها من أخطر الأشياء وأكبر العظائم، فعن عدي بن عميرة الكندي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " من استعملناهُ منكم على عملٍ، فكتمنا مِخيطاً فما فوقهُ، كان ذلك غُلُولاً يأتي به يوم القيامة " فقام إليهِ رجلٌ أسودٌ، من الأنصار. كأنِّي أنظرُ إليه، فقال: يا رسول الله! اقبل عنِّي عمَلَك. قال -صلى الله عليه وسلم -: " وما لك؟ " قال: سمعتُكَ تقولُ كذا وكذا. قال -صلى الله عليه وسلم -: " وأنا أقولُهُ الآنَ؛ من استعملناه منكم على عملٍ، فليجيء بقليله وكثيره، فما أوتيَ منه أخذ، وما نُهيَ عنه انتهى " وعن عدي بن عميرة الكندي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " منِ استعملناهُ منكم على عملٍ، فكتمنا مخيطَاً فما فوقَهُ، كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة " وعن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " مَنِ استعملناه على عملٍ فرَزقناه رزقاً فما أخذَ بعدَ ذلكَ، فهو غُلُولٌ " عن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " أَدُّوا الخيطَ، والمخيط، فما فوقُ ذلك، فما دُون ذلك، فإن الغُلول عارٌ على أهله يوم القيامة وشنار، ونارٌ " وعن عُبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يوم حنين إلى جنب بعيرٍ من المقاسم، ثم تناول شيئاً من البعير، فأخذ منه قَرَدَة ـ يعني وَبَرة ـ فجعل بين أصبعيه، ثم قال: " يا أيها الناس! إنَّ هذا مِن غنائمِكُم، أدُّوا الخيطَ والمِخيطَ، فما فوقَ ذلك، فما دُون ذلك، فإنَّ الغلولَ عارٌ على أهلهِ يوم القيامةِ وشنارٌ ونارٌ " فيا من تسوِّل له نفسه الخوض في أموال الناس، والنهب من مصالح البلاد والعباد، بجحة أنه مال مشترك ليس لحد بعينه أو لا يوجد عنه مدافع، لا تنس أنَّ كلَّ من له حقٌّ فيه ـ ولو كان قليلاً ـ سيأتي خصيماً لك يوم القيامة، يُطالبك بحقِّه عندك، أما في المقبرة؛ فلا تغفل عمّا وقع لكركرة!! سؤال أخير ـ وهو جدُّ خطير: ما حال من أخذ من أموال المسلمين الآلاف بل الملايين بل المليارات، وبدون حقٍّ؟! بأي وجه يلقى الله يوم يلقاه؟! وما مصير الفجرة مصَّاصي دماء المساكين في المقبرة؟!
* * * * *
المصدر: مداد