هناك العديد من القضايا البيئية التي يجب تحليلها بتمعن ، منها قضية
النفايات المنزلية وما يستهلكه الانسان يوميا لحاجات الشخصية ، وما يطرحه
خارج منزله ، مما يدعو الى اعادة النظر بالسلوك المادي الفردي .
فلو القى الفرد نظرة على سلة مهملاته ليوم حافل بالزوار وحاول أن يتصور
كمية النفايات التي طرحها عند نهاية اليوم ، والتي تشكل في مجملها 35% من
حجم نفاياته ، ثم اجرى عملية حسابية بسيطة لسكان مدينته لوجد ان الرقم يصل
الى ملايين الاطنان المترية خلال سنة . والمشكلة ليست في نقلها خارج المنزل
، ولكن المشكلة في التعامل معها بانجع السبل والتخلص منها دون اضرار .
كانت النفايات في الماضي تقتصر على فضلات الطعام ، أما في الحاضر فقد
اشتملت على مخلفات صناعية ضارة بالبيئة والصحة ، واذا كانت البيئة ملك
البشرية جمعاء فان مسؤولية تلويثها تقع على عاتق الاغنياء اكثر من غيرهم ،
لان ما يستهلكه الفرد الامريكي مثلا يعادل خمسين ضعفا ما يستهلكه الفرد
الهندي ، وان 80 %من تلويت البيئة تقع بالقدر الاكبر على الفرد في الدول
الصناعية المتقدمة .
الاوربيون والتخلص من النفايات المنزلية
واجه الاوربيون هذه المشكلة بطرق مختلفة ، اذ بلغت لديهم كمية النفايات
المنزلية 120 مليون طن متري خلال عام 1988 ، وقد استخدمت كل دولة الطريقة
التي تناسبها في التعامل معها ، فمثلا بريطانيا فضلت الطمر لانها الطريقة
المثلى والاقل كلفة ، لاحتواء ارضها على اكثر من 500 موقع ، وهي بقايا حفر
المناجم والمقالع المهجورة ، تستطيع استيعاب 90 % من نفاياتها ، اما فرنسا
فقد استخدمت الطرق الثلاث (الطمر والحرق والمعالجة) وتعد الاولى اوربيا في
استخراج الاسمدة من النفايات ، اذ تستهلك سنويا 600 الف طن متري لاخصاب
الكروم وحقول الفطر . أما الدول الاوربية الاخرى فقد استخدمت الحرق ، لكن
الحرق ليس الحل الامثل الان ، فقد اظهرت الدرسات البيئية ان مداخن محارق
النفايات تقذف "الدخان الممزوج بكلوريد الهيدروجين والفلوريد ' الناتجين عن
احتراق مواد بلاستيكية وجسيمات غبارية وابخرة زئبقية متأتية من بطاريات
تالفة وموازين الحرارة ومواد مذيبة ، اضافة الى اوكسيد الكبريت وأول اوكسيد
الفحم ، وان الرماد الناتج والمطمور داخل التربة يحتوي على مواد ضارة جدا .
الدول العربية والتخلص من النفايات .
تقوم البلديات بجمع المخلفات الصلبة ، دون الاهتام بفرزها او معالجتها
بشكل جذري . ثم طرحها بشكل عشوائي ومكشوف في ضواحي المدن ، مما يؤدي الى
تكاثر الحشرات والقوارض وانبعاث الروائح والدخان . وحتى المطامر لا يراعى
فيها الاسس الفنية ، اضافة الى قلة من المعامل التي تعالج النفايات
لاستخراج الاسمدة منها تهتم بجودتها ، لدى فان التربة تصبح غير صالحة
للزراعة عند الاستعمال على المدى الطويل ، والاخطر من ذلك وجود عناصر ذات
صفة سمية (كالرصاص) ، مما يؤديالى مشاكل بيئية وصحية .
ومن هنا كان التاكيد على دور التوعية عبر وسائل الاعلام بين المواطنين
لتعريفهم بالاطار الناجمة عن النفايات بانواعها . وتنفيد محطات فرز
النفايات حسب القواعد الصحية ، ابتداءا من المنزل ، ومعالجتها بالطرق
العلمية السليمة ، وعزلالمناطق الصناعية عن السكنية ، اضافة الى تحسين
اوضاع العاملين في مجال المخلفات من قبل القائمين لتحقيق الشروط الصحية
والسلامة المهنية على الوجه الاكمل .